في الدراما، الشر ليس مجرد عائق يواجهه الأبطال، بل المحرك الأساسي للأحداث، وهو ما يؤكده مسلسل إخواتي الذي يعرض في رمضان 2025، تأليف مهاب طارق وإخراج محمد شاكر خضير. فالمسلسل لا يقدم الشر بوصفه مجرد صفة سلبية، بل كضرورة لا غنى عنها لتوليد الصراع الدرامي، ما يعيد طرح التساؤلات حول الأخلاق والعدالة من منظور جديد.
المسلسل منذ البداية، يقدم تجربة درامية مختلفة تعتمد على تعقيد الشخصيات وتصاعد الصراع بطريقة تجعل المشاهد يتورط عاطفيًا مع الأحداث دون أن يدرك أنه في الحقيقة يشاهد عملاً لا يعتمد على البطل التقليدي، الذي يفترض وجود بطل واضح وصريح، ويطرح شخصياته ضمن مساحة رمادية أخلاقية، حيث تتشابك دوافعهن بين الطموح، والرغبة في البقاء، والمصالح الشخصية، بل يجعل من كل شخصية في العمل محورًا للصراع ومساحة للجدل الأخلاقي.
تدور الأحداث حول 4 شقيقات، لكل منهن أحلامها ودوافعها التي قد تبدو مشروعة، لكنها تحمل أيضًا جوانب شريرة، وفقًا للقاعدة الميكافيلية بأن "الغاية تبرر الوسيلة". يبدأ المسلسل بمشاهد كوميدية خفيفة، كحيلة درامية لخلق ارتباط بين المشاهد والشخصيات، قبل أن تأخذ الأحداث منحى أكثر قتامة، بعدما تتعقد الأمور عندما يتعرض زوج الشقيقة الصغرى، ربيع (أحمد حاتم)، الذي يظهر كشخصية متسلطة، متعصبة، وأنانية، ما يجعله العدو المشترك للجميع، وللقتل في ظروف غامضة، ومن هنا، تبدأ الحبكة الرئيسية التي تقود الأحداث.
لكن بدلاً من أن يركز المسلسل على الصدمة من جريمة القتل أو البحث عن الفاعل، تسير أحداثه باتجاه آخر تمامًا، حيث يصبح التحدي الأساسي أمام الأخوات هو إخفاء الجريمة وضمان عدم كشفها، خاصة أن الشقيقة الصغرى نجلاء (جيهان الشماشرجي) ستكون المتهمة الأولى، رغم أنها لا تعرف شيئًا عما حدث، من هنا تصبح الحبكة أكثر تعقيدًا عندما يدخل تصريح الدفن على الخط، إذ تسعى الشقيقات فيها إلى إيجاد أي ثغرة تُعفيهم من الطب الشرعي ومعاينة الجثمان الذي سيعرض الزوجة للمسألة، وهنا تتقاطع المصالح ويبدأ صراع جديد بين أحلام (روبي)، وعابدين (محمد ممدوح) موظف مكتب الصحة الذي يساومها على الزواج مقابل استخراج التصريح دون الحاجة إلى الطبيب الشرعي.
شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025
ما يميز العمل هو تركيزه العميق على الروابط العائلية، حيث يقدم صورة مختلفة عن مفهوم الأسرة والتضامن بين الأخوات في مواجهة الأزمات. بدلاً من تبني منظور تقليدي حول الصراع بين الخير والشر، يستكشف المسلسل تعقيدات النفس البشرية ويظهر كيف يمكن للظروف أن تدفع الأفراد لاتخاذ قرارات مصيرية، ويخلق هذا الطرح حالة من التفاعل العاطفي بين المشاهد والشخصيات، حيث يجد نفسه متورطًا في قصتهم، متسائلًا عما كان سيفعله لو كان مكانهم.
من خلال تسليط الضوء على العلاقة القوية بين الأخوات، يبرز العمل أهمية العائلة كملاذ وداعم أساسي في الأوقات الصعبة، وهو ما يضيف بعدًا إنسانيًا عميقًا للأحداث، ويجعلها أكثر تأثيرًا على المستوى الدرامي.
الرؤية الفلسفية التي يطرحها "إخواتي" تبدو واضحة: لا يوجد شر مطلق ولا خير مطلق، وكل شخص لديه مبرراته الخاصة التي تجعله يعتقد أنه يفعل الشيء الصحيح، ويبدو وكأنه محاولة لتحدي المفاهيم التقليدية حول الخير والشر، فالمسلسل لا يحاول إدانة الشخصيات أو تبرئتها، بل يترك الحكم للمشاهد، وهو ما يجعله عملًا مفتوحًا على العديد من التفسيرات.
ما يميز العمل أيضًا هو طريقة تصوير الصراع، حيث أن كل الشخصيات تشترك في حالة من الانكسار الداخلي والشعور بالعجز عن تحقيق الذات، رغم سعيها المستمر لبلوغ أحلامها. لكن المسلسل يقدم رؤية مختلفة للنجاح، فهو لا يشترط أن يكون النجاح ماديًا أو ملموسًا، بل يمكن أن يكون مجرد حالة من السلام الداخلي، وهو ما يجعل الشخصيات، رغم كل ما تمر به، تبحث عن تحقيق هذا السلام بأي طريقة ممكنة.
في النهاية، "إخواتي" ليس مجرد مسلسل درامي يحمل بعض من الإثارة في عناصره، بل هو عمل يحمل بُعدًا أعمق يجعله أكثر من مجرد قصة عن جريمة قتل غامضة، فهو يحاول إعادة تعريف مفهوم العائلة، ويضع المشاهد في مواجهة تساؤلات معقدة حول الحدود الفاصلة بين الحب والواجب والأخلاق. ومع تصاعد الأحداث، يبدو واضحًا أن الصراع لن يتوقف عند هذا الحد، فالحلقات المقبلة بالتأكيد ستحمل المزيد من المفاجآت، حيث ستتضاعف الضغوط على الأخوات، وسنشهد حبكات جديدة تزيد من تعقيد الموقف، ما يجعل المشاهد في حالة ترقب مستمر لما سيحدث بعد ذلك. فالرحلة لم تنتهِ بعد، وما زالت هناك الكثير من الأسرار التي لم تُكشف بعد!
شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق