أكد سفير سلوفينيا بالقاهرة ساشو بودلسنيك رفض بلاده بشكل لا لبس فيه أي محاولات لتوسيع المستوطنات بشكل عنيف وأي خطاب حول ضم الضفة الغربية، معتبرًا أن مثل هذه الإجراءات تقوض آفاق السلام، موضحًا أن الزعم بأن مصر أو الأردن يجب أن تستوعب سكان غزة يتجاهل الحقوق السيادية لهذه الدول والمبادئ الأساسية لحماية اللاجئين.
وقال السفير في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأحد: "إن مثل هذه المقترحات تهدد بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط بأكمله، وتفاقم التوترات الإقليمية، مؤكدًا "أننا نقف بشكل لا لبس فيه مع حق الشعب الفلسطيني في البقاء في دياره وعلى أرضه وفي تقرير مستقبله بما يتماشى مع مبدأ تقرير المصير".
وأضاف: "أن سلوفينيا تري أن المقترحات المتعلقة بتهجير الفلسطينيين قسرًا من غزة، و"إعادة التطوير" الأحادي الجانب للمنطقة، غير مقبولة؛ وتشكل مثل هذه المقترحات انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي"، مشيرًا إلى أن التاريخ قد أظهر أن مثل هذه السياسات تؤدي إلى استمرار الصدمات وعدم الاستقرار والظلم.
وأفاد بأن سلوفينيا تؤيد بقوة حل الدولتين باعتباره الحل العادل الوحيد القابل للتطبيق للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مؤكدا أن غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية والتي يجب أن تكون الإدارة تحت السلطة الفلسطينية.
وأعرب عن تقديره لدور مصر في استقرار المنطقة والتزامها بجهود السلام في القضية الفلسطينية بشكل عام، فضلاً عن جهودها المستمرة في الوساطة في انهاء الصراع الحالي في غزة بشكل خاص، معربًا عن تطلعه لمعرفة المزيد عن الخطة المصرية/العربية التي ستمكن السكان الفلسطينيين من البقاء في غزة خلال إعادة الإعمار.
وأكد أن مهمة إعادة إعمار غزة ستكون ضخمة وستتطلب جهداً دولياً مشتركًا، وأن سلوفينيا تقف على أهبة الاستعداد للمساهمة جنباً إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والشركاء الإقليميين، لضمان التعافي العادل والمستدام.
وعن التعاون مع مصر، قال بودلسنيك إن العلاقات مع مصر تتميز بالحوار السياسي المنتظم والمشاركة على جميع المستويات في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، مشيرا إلى أن كلا البلدين يتمتعان بتاريخ طويل من العلاقات القوية والودية، والتي تمتد إلى ما هو أبعد من 32 عامًا من العلاقات الدبلوماسية الرسمية، مؤكدًا التزام بلاده بالحفاظ على الزخم الإيجابي في العلاقات مع القاهرة.
وأوضح أن الحوار السياسي شهد ديناميكية مكثفة على أعلى المستويات في عام 2024، مع تبادل الزيارات بين وزيري الخارجية مصر وسلوفينيا، مشيرا إلى أننا نتقاسم مواقف مماثلة بشأن العديد من القضايا الدولية ونقدر بشكل كبير التبادل المستمر لوجهات النظر حول التطورات الإقليمية والعالمية.
وقال إنه يتم حاليا التخطيط لعقد الجولة التالية من المشاورات السياسية الثنائية في هذا العام بالقاهرة على مستوى وزير الدولة / نائب الوزير بالإضافة إلى ذلك، نستكشف إمكانية تبادل المزيد من الزيارات رفيعة المستوى خلال هذا العام.
وأفاد بأن الدورة الثانية للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي التي عقدت العام الماضي، حددت سبل جديدة للتعاون في مجالات التجارة، والطاقة المتجددة، وإدارة المياه، والذكاء الاصطناعي أو الأمن السيبراني، وكذلك في الثقافة والاتصالات بين الشعوب، مشيرا إلى أن مصر تظل الشريك التجاري الأهم لسلوفينيا في أفريقيا.
وأوضح أن التجارة الثنائية وصلت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة عام 2024، حيث بلغت 458 مليون يورو من بينها صادرات مصرية تقدر ب374 مليون يورو، بينما صادرات سلوفينيا لمصر وصلت إلي 84 مليون يورو، معربا عن اعتقاده بوجود مجال للتحسين؛ وبذل قصارى الجهد لتحقيق هذا الهدف وفي الوقت نفسه، يظل تحقيق التوازن في تجارتنا أحد أهدافنا.
ولفت إلى أن مصر تصدر لسلوفينيا الوقود المعدني والزيوت والفواكة والمكسرات والخضروات والبلاستيك، بينما تستورد منا الآلات والمعدات الكهربائية، ومنتجات الورق، وأجهزة القياس والمستحضرات الصيدلانية، مضيفًا أن التعاون في مجال السياحة مازال متواضعًا إلى حد ما، لكن مصر بالتأكيد واحدة من الوجهات الأكثر شعبية بين السائحين السلوفينيين.
وعن الطاقة الخضراء، قال بودلسنيك إن بلاده تتابع عن كثب جهود الحكومة المصرية الرامية إلى ترسيخ مكانة مصر كمركز للطاقة الخضراء، مؤكدًا أنه مما لا شك أن الموقع الاستراتيجي لمصر، والموارد الطبيعية الوفيرة والاستثمارات في البنية الأساسية توفر أساسًا متينًا لذلك.
وأوضح أن مصر تلعب دورًا رئيسيًا كشريك مهم للاتحاد الأوروبي، معربا عن تطلعه للمزيد من التعاون مع مصر في هذا المجال في المستقبل نظرا لكون الطاقة المتجددة تشكل أولوية مشتركة.
وعن مجال اللوجستيات، قال إن ميناء كوبر السلوفيني الذي يقع في شمال البحر الأدرياتيكي، يعتبر نقطة دخول مهمة للسلع المصرية وللتجارة المصرية لوسط وشرق أوروبا بشكل عام، موضحًا أن هذا الميناء يحافظ على خدمات حاويات منتظمة مع الموانئ في دمياط والإسكندرية/الدخيلة وبورسعيد، مشيرًا إلى أن حجم البضائع المصرية المستوردة والمصدرة بلغت 7ر1 مليون طن عام 2023.
وأفاد بأن السفارة وميناء كوبر نظمتا حدثًا ترويجيًا في أكتوبر الماضي بالقاهرة، حضره نهاد شاهين نائب وزير النقل، مشيرًا إلى أن هذه الفعالية أبرزت المزايا النسبية للميناء السلوفيني وعرضت الفرص لتعزيز التعاون المؤسسي والتجاري بين كلا البلدين.
وعن المساعدات للشعب الفلسطيني، أكد بودلسنيك التزام سلوفينيا بمواصلة تقديم المساعدة الإنسانية للفلسطينيين في غزة في هذا العام، مضيفا " أننا زادنا دعمنا بشكل كبير لسكان غزة منذ اندلاع الصراع حيث وصل إلى 5 ملايين يورو من المساعدات المالية، وذلك بشكل رئيسي من خلال وكالة الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وأوضح أن بلاده قدمت ما يقرب من 1.3 مليون يورو من المساعدات الإنسانية العينية (الغذاء والمعدات) وتوفير العلاج وإعادة التأهيل في سلوفينيا لمجموعة من الأطفال الفلسطينيين من ضحايا الحرب من غزة (الذين كانوا بالفعل في مصر)، مشيرا إلي أن هذا العلاج يمثل إعادة إطلاق لمشروع مماثل خلال الفترة من عامي 2009 و2018 واستفاد منه أكثر من 200 طفل فلسطيني لمثل هذا التأهيل وشارك حوالي 30 عاملاً طبيًا فلسطينيًا في تدريب مكثف.
أخبار متعلقة :