في خضم التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، تسعى إسرائيل إلى استغلال ورقة الأقليات، وتحديدًا طائفة الدروز في سوريا، لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
فقد كشفت تقارير إعلامية عن تخصيص إسرائيل لأكثر من مليار دولار لدعم الدروز في جنوب سوريا، بهدف تقويض نفوذ الحكومة السورية الجديدة، والدفع نحو نظام فدرالي يُقسّم البلاد إلى مناطق عرقية مستقلة.
التحركات الإسرائيلية في سوريا
بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، تعمل إسرائيل على إقناع القوى العالمية بضرورة تبني نظام فدرالي في سوريا، يضمن وجود مناطق عرقية مستقلة، مع الإصرار على جعل المناطق الجنوبية القريبة من حدودها منزوعة السلاح.
يأتي ذلك في ظل مخاوف إسرائيلية من محاولات الحكومة السورية الجديدة توحيد البلاد تحت راية مركزية قوية.
مليار دولار لدعم الطائفة الدرزية
وفي خطوة لتعزيز نفوذها، أعلنت إسرائيل عن تخصيص أكثر من مليار دولار لدعم الطائفة الدرزية في جنوب سوريا، بهدف كسب تأييدهم لمواقفها.
ويرى محللون أن هذه الخطوة تهدف إلى خلق حزام أمني موالٍ لإسرائيل على حدودها الشمالية، مما يعزز من قدرتها على التأثير في مجريات الأحداث داخل سوريا.
موقف الدروز من تدخل إسرائيل
تباينت مواقف الدروز في سوريا ولبنان تجاه التحركات الإسرائيلية. ففي سوريا، خرجت مظاهرات في مناطق درزية تندد بالتدخل الإسرائيلي، مؤكدة على وحدة الأراضي السورية ورفضها لأي مشاريع تقسيمية.
وفي هذا السياق، صرح القيادي الدرزي في السويداء، ليث البلعوس، قائلاً: “نحن لا نريد الحرب، ولا نرغب في تحويل سوريا إلى دولة طائفية”.
أما في لبنان، فقد توحد موقف الطائفة الدرزية ضد المحاولات الإسرائيلية للتغلغل في جنوب سوريا بحجة حماية الدروز.
وأكدت القيادات الدرزية اللبنانية رفضها لأي تدخل إسرائيلي في الشؤون السورية، معتبرة أن هذه التحركات تهدف إلى تحقيق مصالح إسرائيلية على حساب وحدة سوريا واستقرارها.
توغل إسرائيلي في الجنوب السوري
لم تقتصر التحركات الإسرائيلية على الدعم المالي والسياسي فحسب، بل امتدت إلى المجال العسكري. فقد أفادت تقارير إعلامية بتوغل قوات إسرائيلية في بلدات السويسة وأم باطنة وعين النورية في ريف محافظة القنيطرة.
كما شهدت منطقة تل المال في المحافظة نفسها تحركات عسكرية إسرائيلية، وسط صمت من قبل الإدارة السورية الجديدة.
أوامر لنتنياهو بدعم الدروز
وفي هذا السياق، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعليمات للجيش بالاستعداد لحماية الدروز في سوريا، مؤكداً أن إسرائيل لن تسمح للنظام الإسلامي الراديكالي الجديد في سوريا بإلحاق الضرر بالدروز.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات تهدف إلى خلق واقع جديد على الأرض، يمكن إسرائيل من فرض شروطها في أي تسوية مستقبلية للأزمة السورية.
صمت وترقب دولي
في ظل هذه التطورات، يلاحظ صمت دولي تجاه التحركات الإسرائيلية في الجنوب السوري. فلم تصدر عن القوى الكبرى أي مواقف واضحة تدين أو تؤيد هذه التحركات، مما يثير تساؤلات حول وجود تفاهمات غير معلنة بين إسرائيل وهذه القوى بشأن مستقبل سوريا.
ويرى محللون أن هذا الصمت قد يكون ناتجاً عن انشغال المجتمع الدولي بقضايا أخرى، أو ربما يعكس تواطؤاً ضمنياً مع المخططات الإسرائيلية، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة.
مستقبل سوريا على المحك
وفق تقارير تُظهر التحركات الإسرائيلية الأخيرة سعيها الحثيث لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في سوريا، حتى لو كان ذلك على حساب وحدة البلاد واستقرارها.
في المقابل، تقف الطائفة الدرزية أمام اختبار تاريخي، يتطلب منها التمسك بوحدة سوريا ورفض أي محاولات لزجها في مشاريع تقسيمية تخدم أجندات خارجية.
اقرأ أيضا: مستقبل الوجود الأمريكي في سوريا.. كيف تنظر واشنطن لعلاقاتها مع الأكراد وحكومة دمشق؟
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
أخبار متعلقة :