"لقد أنجزنا في 43 يوماً أكثر ممّا أنجزته معظم الإدارات الأمريكية في أربع أو ثماني سنوات، وما زلنا في البداية.”—هكذا تحدث دونالد ترامب، وكأنه إلهٌ يهبُ التاريخَ معنىً جديداً، وكأنّ العالمَ قبله كان فراغاً تائهاً في العدم!
لكن، ماذا لو كان هذا الخطاب أكثر من مجرد استعراض سياسي؟ ماذا لو كان مرضاً حقيقياً؟
ترامب ليس مجرد شخصية مثيرة للجدل، بل حالة إكلينيكية تسير على قدمين، تجسيدٌ حيٌّ لمتلازمة جنون العظمة بأشد صورها فتكاً. هذا الرجل، الذي يعتقد أنه أعظم من واشنطن، وأذكى من آينشتاين، وأكثر نفوذاً من روما القديمة، ليس مجرد رئيسٍ سابق، بل هو كتابٌ مفتوحٌ في علم النفس المرضي!
ولو كان الطب النفسي يبحث عن نموذج سريري لجنون العظمة، لما وجد أكثر دقةً من ترامب! فهو لا يرى في العالم إلا نفسه، ولا يسمع إلا صدى صوته، ولا يثق إلا في وهمه. كل من يخالفه خائن، وكل من يؤيده عبقري، وكل من يعارضه متآمر. إنها البرانويا في أعتى تجلياتها، حيث يعيش الرجل في كونٍ موازٍ، لا قوانين فيه إلا أوهامه العظيمة.
إنها شيزوفرينيا سياسية متوحشة: انفصالٌ كاملٌ عن الواقع، إحساسٌ متضخمٌ بالذات، وشعورٌ دائمٌ بالاضطهاد. وهذا المرض حين يصيب شخصاً عادياً، يكون مأساة فردية، لكن حين يصيب رئيساً، يتحول إلى كابوس عالمي!
المشكلة ليست فقط في ترامب، بل في الجمهور الذي يصفّق لهذا الجنون، والإعلام الذي يطبل لهذه المسرحية السوداء. لقد رأى العالم كيف تقود الأوهامُ زعيماً إلى تحويل الحقائق إلى أكاذيب، والأكاذيب إلى شعارات، والشعارات إلى قنابل تُرمى فوق الشعوب.
إن التاريخ يخبرنا أن جنون العظمة لا ينتهي نهاية سعيدة. الذين ظنوا أنفسهم آلهةً انتهوا إلى العدم، والذين صدقوا أنهم معصومون لم يتركوا وراءهم إلا الخراب. الفرق الوحيد؟ أن العالم اليوم أكثر هشاشة، وأكثر تداخلاً، وأي زلزال في عقل رئيسٍ مثل ترامب، قد يتحوّل إلى إعصارٍ يبتلع الجميع!
فاحذروا، فليس هناك ما هو أخطر من رجلٍ مريض… يملك السلطة
أخبار متعلقة :