شبكة أطلس سبورت

حكاية شارع.. كلوت بك - شبكة أطلس سبورت

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حكاية شارع.. كلوت بك - شبكة أطلس سبورت, اليوم الثلاثاء 4 مارس 2025 02:37 مساءً

وتوفي والده سنة 1801. بعد أن نزح إلي "برينول". وكان له صديق اسمه الدكتور "سابيه". فلما لاحظ مواهب الفتي كلوت جعله مساعدًا له. يرافقه في أعماله الطبية. ويتمرن في الجراحة. وكان كلوت يطالع ذلك العلم بنفسه ساعات الفراغ. ثم رأي أن برينول صغيرة لا تفي بما تجنح إليه نفسه. فنزح إلي "مرسيليا" رغم إرادة والدته التي كانت كثيرة التعلق بولدها» هذا لأنه كان وحيدًا لها. ولكنه أصرَّ علي عزمه. وضغط علي عواطفه» طلبًا للعُلي وسعيًا وراء العلم. علي أنه لم يلاقِ في مرسيليا إلا الخيبة. واضطره العوز لتعاطي مهنة الحلاقة. فصار يختلف إلي حلاق يعالج بالفصد والجراحة الصغري. ثم عاد إلي بلده مرغمًا. ودخل في المستشفي بعد عناء وتكرار الالتماس. وأكبَّ علي الدرس والمطالعة حتي نبغ بين أقرانه. ولكن الفقر كان لا يزال ضاربًا أطنابه بين يديه.
وفي سنة 1817 أتم دراسته. وعُينَ طبيبًا صحيًّا. وكان قد درس العلوم بنفسه وأتقن اللغة اللاتينية علي أحد القسوس. ونال درجة بكالوريوس في العلوم. وفي سنة 1820 نال شهادة الدكتوراه. فعاد إلي مرسيليا وعيِّن طبيبًا ثانيًا بمستشفي الصدقة. ومستشارًا جراحيًّا بمستشفي الأيتام. فنمَّ به بعض ذوي الحسد فأُقيل من منصبه. ولكنه لم يسعَ في الانتقام. بل تضاعفت همَّته في العمل» أراد بذلك أن يبرهن علي عدم اكتراثه بالسعاية والوشاية. وأنه إنما ينال الشهرة والسعادة بالسعي والاجتهاد. فكتب كتابًا في استعمال آلات الولادة في الأحوال الخطيرة. حتي صار دكتورًا في فن الجراحة. وذاع صيتُه في مرسيليا.

وصول كلوت بك إلي مصر
وفي سنة 1825 قابله المسيو "تورنو". وكان تاجرًا فرنسيًا يعمل بمصر. أرسله والي مصر محمد علي باشا لاختيار من يليق بمنصب طبيب لجيشه. فحبب إلي كلوت بك المجيء إلي مصر لشغل ذلك المنصب. فقدم علي طيب خاطر. فرأي أمامه بابًا واسعًا للعمل» لما قد علم من حاجة البلاد إلي الإصلاح الطبي. فأخذ يعمل ليله ونهاره مفكرًا في الوسائل المؤدية إلي المراد.
فعهد إليه محمد علي باشا بتنظيم الإدارة الصحية للجيش المصري. وصار رئيس أطباء الجيش. منحه محمد علي باشا لقب "بك" تقديرًا لجهوده في النهضة الطبية التي أحدثها في مصر.
أشهر المستشفيات التي بُنيت بناء علي اقتراحه مستشفي أبي زعبل. وكانت مقر جنود الجيش المصري. وأنشأ في المستشفي بستانًا للبنات. وفي حوالي سنة 1827 أسّس كلوت المدرسة الطبية في أبي زعبل أيضًا. وكانت أول مدرسة طبية حديثة في الدول العربية. وكانت تضم 720 سريراً. وقد أراد بذلك أن لا يقتصر الطب علي الجيش. بل يتعلمه أبناء البلاد» حتي يفيدوا أبناء جلدتهم بتطبيبهم وتعليمهم. وكان في السنين الأولي من تأسيس هذه المدرسة هو وحده الذي يلقي الدروس بواسطة المترجمين» تسهيلًا لفهمهما. فتُرجمت حينها عدة كتب في الطب والجراحة والعلوم الطبيعية.
ومما كان عقبة في طريق التشريح العملي أن تشريح جثث الموتي كان أمرًا منكرًا في عيون المشارقة. فبذل كلوت جهده حتي أُبيح له التشريح سرًّا. علي أن ذلك لم ينجِه من غضب الأهالي عليه. حتي إن أحدهم جاءه يريد قتله خلسة بخنجر. ولكنه لم ينجح.
وفي سنة 1832 ذهب كلوت بك ومعه 12 من تلامذة مدرسته هذه لامتحانهم في باريس. فامتحنتهم الجمعية العلمية الطبية. فحازوا استحسانها. وأظهروا كل نجابة وذكاء وبراعة» وقد كان نجاح هؤلاء المصريين في امتحانهم موجِبًا لسرور أستاذهم كلوت بك سرورًا زائدًا» لأنهم سيكونون له عونًا في نشر الفوائد الطبية والوصايا الصحية في هذه الديار.
وفي سنة 1838 نُقلت المدرسة الطبية من أبي زعبل إلي القاهرة. وهي المعروفة بمدرسة قصر العيني. ثم أنشأ فيها فرعًا لدرس فن القِبالة "الولادة". يتعلمها النساء» لعلمه أَنَّ عوائد المشارقة لا تسمح بولادة النساء علي يد أطباء من الرجال. وأنشأ لهن مستشفًي خاصًّا بهن. وكان لهذه الخدمة فائدةى عظمي» خصوصًا لأن النساء لا يؤذن للطبيب بمساعدتهن في الولادة. ولا الكشف عليهن في تشخيص بعض الأمراض.
ثم قام بإنشاء أماكن للاستشارة الطبية بالقاهرة والإسكندرية. وجعل في كل استشارة أجزاخانة. وأنشأ أماكن كثيرة لمعالجة المرضي» كالمستشفيات وغيرها في المدن الكبيرة. وأدخل تطعيم الجدري للأطفال. ولم يكن متداولًا قبل ذلك بمصر. فأوقف انتشار ذلك الوباء. وكان يموت بسببه قبل ذلك ألوف كل سنة. وقد ظهرت نتائج إجراءات الدكتور كلوت بك الصحية في ازدياد عدد سكان القطر إلي أضعاف ما كانوا عليه.
وأظهر كلوت بك سنة 1830 نشاطًا كبيرًا في مواجهة وباء الكوليرا ومعالجة المصابين ما يشهد له به التاريخ. وفي سنة 1835 ظهر الطاعون بالقاهرة. فخاف الأطباء واعتزلوا في بيوتهم خوفًا من العدوي. إلا كلوت بك وثلاثة من زملائه. فإنهم ثابروا علي خدمة المرضي ومعالجتهم.
وعندا تولي "عباس باشا الأول" حكم مصر سنة 1849. استأذنه كلوت بك بالذهاب إلي مرسيليا. نظرًا لحالة الإهمال التي سادت البلاد. وبقي هناك حتي تولي "سعيد باشا" سنة 1856. فعاد كلوت بك إلي مصر وعمره 36 سنة.
وقد قرر سعيد إعادة افتتاح مدرسة الطب في احتفال ضخم. واستشار كلوت بك في من يصلح لتولي إدارة المدرسة الطبية. فاختار له خمسةً من نوابغ الأطباء» وهم: كلوتشي بك. وفيجري بك. وبرجير بك. وشافعي بك. ومحمد علي بك. فتبادَلوا رئاسةَ المدرسة الطبية والمستشفيات زمنًا.
رجع كلوت بك إلي باريس في سنة 1851. فمنحته فرنسا رتبة "كومندور دي لاليجيون دونور". ثم منحه بابا روما أيضًا لقب "كونت روماني". وفي سنة 1860 سافر إلي مرسيليا. وتوفي بها في 28 أغسطس 1868.

 

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

أخبار متعلقة :