القاهرة (خاص عن مصر)- يدرس الجيش الأمريكي مجموعة من الاستراتيجيات لتعزيز وجوده في بنما، وربما اتخاذ خطوات لاستعادة السيطرة على قناة بنما، كجزء من أجندة الرئيس دونالد ترامب المثيرة للجدل في السياسة الخارجية.
وفقا لتقرير أن بي سي نيوز، تهدف الإدارة الأمريكية إلى الحد من نفوذ الصين في المنطقة، حيث أثارت الإجراءات المقترحة مخاوف كبيرة بشأن العلاقات الدولية والاستقرار المستقبلي لهذا الممر المائي الحيوي.
استعادة ترامب لقناة بنما: ماذا يعني ذلك؟
في إعلانٍ مفاجئٍ حول السياسة الخارجية، أعلن الرئيس ترامب خلال خطابٍ مشتركٍ أمام الكونجرس أن إدارته ستعمل على “استعادة” قناة بنما، وهي ممر مائي استراتيجي يخضع للسيطرة البنمية منذ عام ١٩٩٩.
شيدت الولايات المتحدة القناة في أوائل القرن العشرين، لكنها تخلت عن السيطرة عليها لبنما بموجب معاهدةٍ وقعها الرئيس جيمي كارتر عام ١٩٧٧، أثارت تصريحات ترامب تساؤلاتٍ حول نوايا الإدارة وجدوى إلغاء سيادة بنما على القناة.
منذ ذلك الحين، ظلّ مسؤولو الإدارة غامضين إلى حدٍّ كبيرٍ حول معنى “استعادة” القناة. ومع ذلك، تُشير مصادر إلى أن القيادة الجنوبية الأمريكية تُطوّر خططًا تتراوح بين تعزيز الشراكات مع الجيش البنمي وخياراتٍ أكثر تطرفًا، بما في ذلك التدخل العسكري للسيطرة على القناة.
يُعزى هذا التصعيد العسكري في المقام الأول إلى المخاوف من تنامي نفوذ الصين في المنطقة والدور المُحتمل للقناة في الجغرافيا السياسية العالمية.
اقرأ أيضا.. استئناف المساعدات العسكرية لأوكرانيا عقب اتفاق وقف إطلاق النار
تعزيز الوجود العسكري أم الاستيلاء على القناة؟
كجزء من عملية التخطيط، يدرس المسؤولون العسكريون الأمريكيون تدابير مختلفة لزيادة الوجود العسكري الأمريكي في بنما.
يتمركز حاليًا أكثر من 200 جندي أمريكي في بنما، حيث تعمل وحدات من القوات الخاصة جنبًا إلى جنب مع القوات البنمية لمواجهة التهديدات الأمنية الداخلية. ومع ذلك، دفعت إدارة ترامب باتجاه اتخاذ إجراءات أوسع نطاقًا لضمان هيمنة الولايات المتحدة على القناة.
تشمل الخيارات المطروحة نشر قوات إضافية في بنما، وتأمين مرور السفن الأمريكية عبر القناة، وربما إعادة إنشاء البنية التحتية العسكرية مثل مدارس الأدغال العسكرية، التي كانت تُستخدم للتدريب خلال سيطرة الولايات المتحدة على المنطقة.
في السيناريوهات الأكثر تطرفًا، قد يُنظر في التدخل العسكري، خاصةً إذا فشلت الجهود الدبلوماسية للحد من وصول الصين إلى القناة.
دور الصين في الأهمية الاستراتيجية لبنما
يُشكل الوجود الصيني المتنامي في بنما محور هذه المناقشات، لا سيما من خلال الاستثمارات في البنية التحتية كجزء من مبادرة الحزام والطريق.
بينما تنفي كل من بنما والصين أي نفوذ أجنبي على القناة، أعربت الولايات المتحدة عن مخاوفها من أن يُمكّن تدخل الصين بكين من تعطيل وصول الجيش الأمريكي إلى الممر المائي في حال نشوب صراع.
ردًا على هذه المخاوف، كثّف مسؤولو إدارة ترامب جهودهم لمواجهة الوجود الصيني في بنما. وخلال زيارة لبنما الشهر الماضي، أكد وزير الخارجية ماركو روبيو أن “الوضع الراهن غير مقبول”، مما يُشير إلى استراتيجية أمريكية محتملة لزيادة النفوذ في المنطقة.
رد بنما: السيادة والمصالح الوطنية
أكدت بنما أن القناة لا تزال تحت سيطرتها، وأن السيادة مُكرّسة في دستورها. ونفى الرئيس خوسيه راؤول مولينو مزاعم تنازل بنما عن أي سيطرة للصين، مؤكدًا أن البلاد وحدها هي التي تُدير هذا الطريق الملاحي الحيوي.
على الرغم من ذلك، تواجه بنما ضغوطًا متزايدة من الولايات المتحدة للحد من تدخل الصين في المنطقة، لا سيما مع استمرار نمو الاستثمارات الصينية.
في حين أن سعي إدارة ترامب لتأمين المصالح الأمريكية في القناة قد يكون متجذرًا في مخاوف استراتيجية، إلا أن سيادة بنما قضية بالغة الأهمية. وقد أكدت حكومة بنما مرارًا وتكرارًا أنها لن تسمح للقوى الأجنبية بإملاء تعاملاتها مع الدول الأخرى.
العواقب الجيوسياسية: تصعيد عسكري محتمل
إذا صعّدت الولايات المتحدة تدخلها في بنما، فقد يُثير ذلك توترات جيوسياسية كبيرة. فالعمل العسكري المحتمل للاستيلاء على القناة لن يُوتر العلاقات بين الولايات المتحدة وبنما فحسب، بل قد يُنفّر أيضًا دولًا أخرى في أمريكا اللاتينية ويزيد التوترات مع الصين، التي قد تنظر إلى مثل هذه الإجراءات على أنها تحدٍّ مباشر لنفوذها المتنامي في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي زيادة الوجود العسكري الأمريكي إلى تجدد النقاشات حول إرث التدخل الأمريكي في أمريكا اللاتينية، لا سيما في أعقاب غزو بنما عام 1989، الذي أدى إلى الإطاحة بالزعيم البنمي مانويل نورييغا.
يرى المنتقدون أن المزيد من التدخل العسكري من شأنه أن يقوض سيادة بنما ويؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي.
الاستثمارات الأمريكية ونفوذ الشركات
في حين لا تزال الخيارات العسكرية قيد الدراسة، اتبعت الولايات المتحدة أيضًا استراتيجيات اقتصادية لتعزيز نفوذها في بنما. على سبيل المثال، تُعد شركة الاستثمار الأمريكية بلاك روك جزءًا من تحالف يشتري حصة 90% في شركة موانئ بنما، التي تُشغّل موانئ رئيسية على طرفي القناة.
أثارت هذه الصفقة البالغة قيمتها 22.8 مليار دولار، والتي يجري التفاوض عليها مع شركة مقرها هونغ كونغ، تساؤلات حول الدور المتزايد للشركات الأمريكية الخاصة في التحكم في البنية التحتية الحيوية للتجارة العالمية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
أخبار متعلقة :