أوصت "تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان" بضرورة تكثيف الرقابة والتفتيش على القطاعات الاقتصادية، خاصة تلك التي يتركز فيها عمل النساء، ومراجعة التشريعات العمالية بشكل مستمر لضمان حماية أكبر للمرأة العاملة، كما دعت إلى إنشاء قنوات آمنة ومحمية للإبلاغ عن الانتهاكات دون خوف من انتقام صاحب العمل أو الفصل التعسفي.
وأكد البيان الصادر عن "تمكين" بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي يُصادف 8 آذار من كل عام، على أهمية تنفيذ حملات توعية تستهدف تغيير العادات والتقاليد الاجتماعية السلبية، وتعزيز دور المرأة في سوق العمل، وتوفير وسائل نقل آمنة ومريحة لتشجيع المزيد من النساء على الانخراط في سوق العمل، كما شدد على ضرورة وضع سياسات واضحة لضمان المساواة في الأجور بين الرجال والنساء في القطاعات جميعها.
وأشار البيان إلى أن نسبة مشاركة المرأة الأردنية في القوى العاملة تبلغ حوالي 14.9% فقط، مقارنة بـ53.4% للرجال، علمًا بأن معدّل المشاركة الاقتصادية للإناث في الدول العربية حوالي 19.2%، وعلى الرغم من ارتفاع معدلات التعليم بين النساء، إلا أن هذا لم يُترجم إلى زيادة ملموسة في المشاركة الاقتصادية، ووفقًا لتقرير دائرة الإحصاءات العامة لعام 2024، يظل معدل البطالة بين النساء مرتفعًا، حيث بلغ 32.9%.
وأوضح البيان أن عدد الحالات والشكاوى التي وصلت إلى "تمكين" وقدمتها نساء عاملات بلغ (202) حالة، حيث تُشكل النساء فوق سن 35 عامًا النسبة الأكبر من الحالات المسجلة لدى "تمكين"، حيث بلغ عددهن (136) حالة، ما يمثل 67.3% من إجمالي الحالات، تعكس هذه الأرقام واقعًا مقلقًا يتعلق بتزايد تعرض هذه الفئة العمرية للانتهاكات، وهو ما قد يرتبط بشكل مباشر بقلة الخيارات البديلة المتاحة أمامهن في سوق العمل، وتسلط هذه المعطيات الضوء على أهمية تعزيز السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تهدف إلى توفير فرص عمل آمنة ومستدامة لهذه الفئة، بما يضمن تقليل تعرضها لمثل هذه التحديات. أما النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18-35 عامًا، فقد بلغ عدد الحالات المسجلة لهن (62) حالة، بينما تم تسجيل (4) حالات لفتيات قاصرات تحت سن 16 عامًا، مما يثير القلق بشأن استغلال الأطفال وتشغيلهم.
تركزت الشكاوى العمالية المقدمة من عاملات في المحافظات ذات الكثافة السكانية المرتفعة، حيث حظيت العاصمة عمان بالنسبة الأعلى من الشكاوى بعدد (154) حالة (76%) من إجمالي الحالات، وتوزعت النسبة المتبقية على محافظات أخرى مثل إربد (17 حالة)، والزرقاء (11 حالة)، والمفرق (11 حالة)، مع أعداد أقل في الكرك، والعقبة، والسلط، ومادبا حيث بلغ مجموع الحالات في هذه المحافظات (9) حالات.
وفقًا للبيان، تصدرت النساء الأردنيات نسبة المتقدمات بشكوى بواقع (57) حالة، تليها العاملات من إثيوبيا (40) حالة، والفلبين (23) حالة، وأوغندا (19) حالة، وغانا (23) حالة، إضافة إلى (27) حالة توزعت على عاملات من مصر، وفلسطين، وسوريا، وكينيا، ونيبال، وبنغلادش، وسريلانكا، وإندونيسيا.
ونوه البيان إلى أن انخفاض نسب الشكاوى بين العاملات لا يعني عدم تعرضهن للانتهاكات، لكنه يعزى لعدم رغبتهن في تقديم شكوى، أو بسبب عملهن في القطاعات غير المنظمة، مما جعل هؤلاء العاملات مضطرات للتعايش مع هذه الانتهاكات.
وأشار البيان إلى أن قطاع عاملات المنازل يمثل النسبة الأكبر من الحالات المسجلة، حيث بلغ 59% من إجمالي الحالات (119) حالة، وتوزعت بقية الحالات على قطاعات أخرى مثل الصالونات (18 حالة)، والمصانع (10 حالات)، والخياطة (8 حالات)، مع حالات أقل في قطاعات التعليم، والزراعة، والمطاعم، والنظافة، والمبيعات بإجمالي (47) حالة، مؤكدًا على أن الانتهاكات التي يتعرض لها العاملون والعاملات لا تقتصر على قطاع معين، إذ تتشابه ظروف العمل في مختلف القطاعات مع وجود تفاوت في طبيعة الانتهاكات التي تُمَارَس.
ووفقًا للبيان إن النساء العاملات يواجهن تحديات متنوعة تشمل تأخير أو عدم دفع الأجور، حيث تم توثيق (97) حالة تتعلق بعدم دفع الرواتب أو تأخيرها. هذا النوع من الانتهاكات يعد مخالفة صريحة للمادة (46) من قانون العمل، التي تنص على ضرورة دفع الأجر خلال مدة لا تزيد عن سبعة أيام من تاريخ استحقاقه. كما يشكل هذا الأمر انتهاكًا للمادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. إضافة إلى ذلك، تم تسجيل (70) حالة لعدم تلقي بدل عمل إضافي، مما يعكس مشكلة مزمنة في الالتزام بحقوق العمال المالية.
وفيما يتعلق بالضمان الاجتماعي، أظهرت البيانات وجود (73) حالة لعدم الاشتراك في الضمان الاجتماعي، مما يحرم العاملات من الحماية الاجتماعية، ومن الحصول على مزايا مثل بدل الأمومة. كما تم تسجيل (64) حالة لطول ساعات العمل، وهو ما يعد انتهاكًا لأحكام المادة (56) من قانون العمل التي تحدد ساعات العمل اليومية بـ8 ساعات.
تواجه النساء العاملات أيضًا انتهاكات مرتبطة بظروفهن المعيشية. فقد تم توثيق (18) حالة لعدم وجود أماكن مخصصة لنوم العاملات، وهو ما يؤثر سلبًا على صحتهن النفسية والجسدية. كما سجلت (62) حالة لحجز الوثائق الشخصية وجواز السفر، وهو انتهاك للمادة (4/12) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة (18) من قانون جوازات السفر الأردني. ويؤدي هذا الإجراء إلى تقييد حرية العاملات ومنعهن من مغادرة أماكن العمل أو العودة إلى أوطانهن.
وأشار البيان إلى تسجيل (27) حالة تعرض للعنف الجسدي و(13) حالة للتحرش الجنسي وهتك العرض. كما تم توثيق (11) حالة للإجبار على العمل تحت التهديد و(8) حالات لحجز الحرية ومنع مغادرة مكان العمل، وهو ما يُعد شكلًا من أشكال العبودية الحديثة.
إلى جانب الانتهاكات المباشرة، تواجه النساء تحديات ثقافية واجتماعية تزيد صعوبة انخراطهن في سوق العمل، وتشمل هذه التحديات العادات والتقاليد التي تحد من فرص النساء في العمل، وضعف تطبيق القوانين المتعلقة بحمايتهن، إضافة إلى نقص وسائل النقل المناسبة وعدم توفر فرص عمل مرنة.
أخبار متعلقة :