أصدر مجمع البحوث الإسلاميَّة عدد شهر (رمضان) لعام 1446هـ من مَجَلَّة الأزهر الشريف، التي تُتاح بشكل دوري مطلع كلِّ شهر عربي، متضمِّنًا ملفًّا خاصًّا بعنوان: (رمضان والبناء الرُّوحي والأخلاقي للإنسان المُسلِم)؛ لتسليط الضوء على الأبعاد العميقة لهذا الشهر الكريم، وما يحمله من معانٍ تربويَّة وإيمانيَّة تشكِّل محطةً سنويَّـةً لمراجعة الذَّات، وتعزيز القِيَم الأخلاقيَّة، واستعادة التوازن الرُّوحي للمُسلِم، في ظلِّ أجواء إيمانيَّة تُعيد صياغة العَلاقة بين العبد وربِّه، وبين الإنسان ونفْسه، وبين الفرد ومجتمعه.

وقال الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة: إنَّ ملف العدد يعكس رؤية الأزهر في تقديم خطاب فِكري متَّزن، يدمج بين التأصيل الشرعي والتحليل الواقعي، مشيرًا إلى أنَّ المقالاتِ المنشورةَ تسلِّط الضوء على كيف يكون رمضان حافزًا للتغيير، لا على مستوى الأفراد فحسب؛ بل في تشكيل مجتمعٍ أكثر تماسكًا وعدالة ورحمة.

وأوضح د. الجندي أنَّ (رمضان) ليس صيامًا عن الطعام والشراب فقط؛ وإنما هو دعوةٌ مفتوحةٌ لكل مُسلِم لإعادة ضَبْط بوصلته القيميَّة، ليكون أكثر وعيًا بمسئوليَّاته، وأشدَّ حِرصًا على أداء دَوره في إعمار الأرض بالخير والعدل، لافتًا إلى أنَّ الصِّيام الحقيقي هو مقاومةٌ لكل ما يفسد القلبَ والعقلَ والرُّوحَ، فكيف يكون الإنسان صائمًا وهو يملأ وقته بالغفلة، أو يظلم غيره بلسانه وفِعله؟!  

من جانبه، أكَّد فضيلة أ.د. نظير عيَّاد، مفتي الجمهوريَّة ورئيس تحرير مَجَلَّة الأزهر، أنَّ (رمضان) ليس مجرَّد شهر يُطوَى في صفحات التقويم؛ بل هو مدرسةٌ تربويَّةٌ متكاملةٌ تفتح أبوابها كل عام؛  ليُعيد المُسلِم اكتشاف نفْسه بين محاريب الطاعة، ورياض الأخلاق، وساحات الجهاد الأكبر ضدَّ شهواته وأهوائه، مضيفًا أنَّه في هذا الشهر يختبر الإنسان قدرته على التحوُّل، ويتعلَّم أنَّ التغيير ليس لحظةً عابرةً؛ بل رحلة مستمرَّة تمتدُّ إلى ما بعد انقضاء الشهر الكريم.

وأشار د. عيَّاد إلى أنَّ ملف العدد يضمُّ عددًا من المقالات المهمَّة؛ أبرزها: (عناية الأزهريين بشهر رمضان وليلة القدْر) للأستاذ الدكتور محمد الجندي، و(تجلِّيات شهر رمضان على المسلمين) للأستاذ الدكتور أحمد أحمد غلوش، و(لعلَّكم تتقون) للأستاذ الدكتور حسني التلاوي، و(شهر رمضان المبارك وثورة على النفْس) للأستاذ الدكتور نادي عبد الله، و(كأنَّك تراه.. مع النبي ﷺ في شهر رمضان) للأستاذ الدكتور حبيب الله حسن، و(الصيام وسيلة للرُّقي الرُّوحي) للأستاذ الدكتور رضا عبد المجيد المتولي. 

في السياق ذاته، شدَّد الدكتور حسن خليل، الأمين العام المساعد للثقافة الإسلاميَّة والمشرف على إصدار مَجَلَّة الأزهر، على أنَّ (رمضان) ليس مجرَّد عبادة فرديَّة؛ بل هو ظاهرةٌ حضاريَّـةٌ تُعيد تشكيل وعي الإنسان وسلوكه، مبيِّنًا أنَّ ملف العدد الحالي يُبرز كيف يؤسِّس الصِّيام لمنظومة أخلاقيَّة متكاملة، تعكس أثره في ضَبْط النفْس، وإحياء قِيَم الرَّحمة والتكافل، وتعزيز روح المسئوليَّة الاجتماعيَّة، ويؤكِّد أنَّ الصِّيام ليس عزلةً روحيَّةً؛ وإنما هو حضورٌ فاعِلٌ في المجتمع، ودعوةٌ مفتوحةٌ للتأمُّل في جوهر الإنسان وأخلاقه وسلوكه اليومي.

وأشار د. خليل إلى أنَّ المَجَلَّة قد أصدرتْ مع عدد هذا الشهر كتابَين هديةً للقراء؛ بعنوان: (أحكام الصِّيام وفضائل القرآن الكريم وأحكام فقهيَّة في قضايا رمضانيَّة) للدكتور حمدي عبد المُنعِم شلبي، و(كيف نواجه الشَّدائد والمخاوف في ضوء القرآن والسُّنة؟) للمستشار الدكتور محمد شوقي الفنجري، وهما من تقديم: فضيلة أ.د. نظير عيَّاد، مفتي الجمهوريَّة ورئيس تحرير مَجَلَّة الأزهر.

وتُباع مَجَلَّة الأزهر التي صدر العدد الأول منها في عام 1349هـ= 1930م، بخمسة جنيهات فقط، كما أنَّ باب الاشتراكات فيها مفتوحٌ مِن خلال التواصل مع الإدارة العامَّة لمَجَلَّة الأزهر بمجمع البحوث الإسلاميَّة في شارع الطيران بمدينة نصر، أو عبر التواصل مع قِسم الاشتراكات بمؤسَّسة الأهرام.