القاهرة (خاص عن مصر)- أكدت أوبك+، تحالف الدول المنتجة للنفط بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، خططها لإحياء إنتاج النفط المتوقف بعد تأجيلات مطولة. ويمثل القرار، الذي يأتي وسط ضغوط متزايدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض أسعار النفط، تحولاً كبيراً في استراتيجية المجموعة.
أوبك+ تعتزم زيادة المعروض
وفقاً لبيان صدر على موقع أوبك+، ستبدأ المجموعة في زيادة الإنتاج بمقدار 138 ألف برميل يومياً في أبريل. وهذه هي الأولى في سلسلة من الزيادات التدريجية التي تهدف إلى استعادة إجمالي 2.2 مليون برميل يومياً بحلول عام 2026.
أشار البيان إلى أن “هذه الزيادة التدريجية قد تتوقف مؤقتًا أو تنعكس وفقًا لظروف السوق”، مؤكداً التزام المجموعة بالحفاظ على استقرار سوق النفط.
رد فعل السوق وتأثير أسعار النفط
كان لإعلان أوبك+ عزمها زيادة المعروض تأثير فوري على أسواق النفط الخام. انخفضت أسعار خام برنت بنحو 2.8%، لتصل إلى أدنى مستوى لها في ما يقرب من ثلاثة أشهر. بحلول إغلاق التداول في لندن، انخفض برنت بنسبة 2.1%، واستقر عند 71.26 دولارًا للبرميل. ويشير المحللون إلى أن حتى إعادة الإمداد المتواضعة ستُنظر إليها على أنها عامل سلبي للأسعار.
شرح هاري تشيلينجويريان، رئيس أبحاث النفط في شركة أونيكس كوموديتيز المحدودة، رد فعل السوق، قائلاً: “ستُنظر إلى البصريات حول أي إعادة إمداد، حتى لو كانت تدريجية وصغيرة، على أنها سلبية للسعر”. ساهم التوقيت غير المتوقع لتحرك أوبك+ في الشعور الهبوطي في سوق النفط.
اقرأ أيضًا: شي جين يستغل الفوضى الغربية لتعزيز استراتيجية الصين العالمية
أوبك+ تعتزم زيادة المعروض: تأثير ترامب
يبدو أن هذه الخطوة تعكس النفوذ المتزايد للرئيس ترامب على عملية صنع القرار في أوبك+. في الشهر الماضي، دعا ترامب المجموعة علنًا إلى خفض أسعار النفط، وهو الطلب الذي يبدو أنه لعب دورًا في أحدث تحرك للتحالف.
بالإضافة إلى ذلك، تعهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، مما يشير إلى الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات مع واشنطن.
قد تكون العوامل الجيوسياسية قد أثرت أيضًا على القرار. قد تستفيد روسيا، التي تواجه عقوبات جديدة فرضت في الأيام الأخيرة من إدارة جو بايدن، من تحسن العلاقات مع ترامب، مما يسهل شروط شحن صادراتها النفطية. وفي الوقت نفسه، قد يخلق موقف واشنطن العدواني من صادرات النفط الإيرانية فرصة لدول أوبك+ الأخرى للاستحواذ على حصة في السوق.
آفاق العرض والطلب لأسواق النفط العالمية
يأتي قرار زيادة الإنتاج وسط توقعات بفائض في العرض في وقت لاحق من هذا العام. ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن تشهد أسواق النفط العالمية فائضًا في العرض يبلغ 450 ألف برميل يوميًا في عام 2025، حتى لو حافظت أوبك+ على مستويات إنتاجها الحالية.
من المتوقع أن يتفوق الإنتاج المتزايد من الدول غير الأعضاء في أوبك مثل الولايات المتحدة والبرازيل وكندا وغيانا على النمو في الطلب العالمي.
لقد وضع هذا الفائض الوشيك أوبك+ في موقف محفوف بالمخاطر. ففي حين تهدف المجموعة إلى دعم استقرار السوق، فإن قرارها باستعادة مستويات الإنتاج تدريجيًا يهدد بمزيد من انخفاض الأسعار، مما يؤدي إلى تفاقم التحديات المالية للاقتصادات المعتمدة على النفط داخل التحالف.
التداعيات الاستراتيجية في المستقبل
يؤكد قرار أوبك+ الأخير على التوازن الدقيق الذي تواجهه المجموعة بين الاستجابة للضغوط السياسية والحفاظ على استقرار سوق النفط. وفي حين أن زيادات الإنتاج المخطط لها قد توفر راحة مؤقتة لمستهلكي الطاقة العالميين، فإنها تثير أيضًا مخاوف بشأن تقلب الأسعار في الأمد البعيد.
مع استمرار تطور المشهد العالمي للطاقة، سيراقب خبراء الصناعة عن كثب الخطوات التالية لأوبك+. وما إذا كانت المجموعة ستحافظ على خريطة طريق الإنتاج الخاصة بها أو تعدل استراتيجيتها استجابة لتقلبات السوق، يبقى أن نرى.
في الوقت الحالي، يعزز الإعلان التفاعل المعقد بين العوامل الاقتصادية والجيوسياسية والاستراتيجية التي تشكل سوق النفط العالمية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق