"المرأة في النهضة العربية المعاصرة رائدات من لبنان والمشرق" لليليان قربان عقل - شبكة أطلس سبورت

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"المرأة في النهضة العربية المعاصرة رائدات من لبنان والمشرق" لليليان قربان عقل - شبكة أطلس سبورت, اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025 08:15 صباحاً

شبكة أطلس سبورت -  النائب السابق غسان مخيبر
 
يوفر كتاب "المرأة في النهضة العربية المعاصرة رائدات من لبنان والمشرق" للكاتبة والباحثة الدكتورة ليليان قربان عقل للقارئ بحثا في الجذور التاريخية للحركة النسوية ونضالها في لبنان والمشرق منذ العام 1858 وحتى العام 1928 عبر الصحافة والإنتاج الادبي.

وقد أضاءت الكاتبة والباحثة الدكتورة ليليان على هذا النضال الطويل الذي استغرق حوالي 150 سنة من أجل الحصول على حقوقها وحرياتها، ويظهر الحاجة الى تذكير المرأة العربية تحديداً والقراء العربيين عموماً، بما قدمته من تضحيات وانجازات لإطلاق حرية عملها وتثبيت حضورها الفاعل في المجتمع والدولة.

وقد عملت الكاتبة والباحثة الدكتورة ليليان على رسم صورة هذا النضال عبر الصحافة والكتابات والاصدارات المختلفة والنتاجات الأدبية، في زمن النهضة العربية المشرقية (ولا سيما عبر الصحافة النسوية)، وقد كانت هذه الصحافة مجال تحرك عدد كبير من المناضلات، وقد برز حضورهن الريادي رغم التحديات التي واجهتها آنذاك.

وقد قدمت الكاتبة والباحثة الدكتورة ليليان صورة شيّقة وغير مألوفة لهذه الحقبة الزمنية، أوضحت مدى تفاعل هذه المناضلات الرائدات مع طروحات ذاك العصر ومستويات تمايزها عن الرجل في التفكير والإنتاج الادبي والحراك المجتمعي، بحيث اعطى هذا الكتاب صوراً بهية وغير مألوفة لدور المرأة كشريكة كاملة في بعث الفكر النهضوي في لبنان ومصر (بشكل رئيسي) والمشرق وسائر الدول العربية الأخرى. 

وقد ركزت الكاتبة والباحثة الدكتورة ليليان على حدث هام في تلك الحقبة تمثل في انعقاد المؤتمر النسائي العام الاول في بيروت في نيسان 1928، كما استفاضت في اختصار سير ذاتية شيقة جدا لـ 75 من الرائدات العربيات (ومنها بشكل خاص اللبنانية والمصرية والسورية)، تضمنت مقتطفات من ادبهن، لاسيما من الإنتاج الشعري الجميل.

وقد أوضحت الكاتبة والباحثة الدكتورة ليليان موقع المرأة في ذلك الزمن من التحولات التاريخية والاجتماعية التي اثرت ببروز حركة النهضة العربية، والعوامل الرئيسية التي اثرت بها وتفاعلت معها النسوة المناضلات، بما فيه بروز الشعور بالقومية العربية (بمواجهة القومية التركية والعثمانية الإسلامية)، وانتشار التعليم لا سيما مع الارساليات الأوروبية والأميركية المسيحية، والاتصال الفكري والحضاري بالغرب، وانخراط النساء في الأطر التي تمكنت اليها سبيلا لعملها وحركتها، لا سيما من خلال الصحافة النسوية والمنتديات – الصالونات – الأدبية والفكرية التي ادارتها وحرّكتها المناضلات النسوية. 

أدعوكم جميعاً إلى قراءة هذا الكتاب، لأن في فهم التاريخ الكثير من العبر التي يمكن أن تنير لنا طرق المستقبل. فإليكم في ما يلي بعض العبر التي استخلصتها من قراءتي للكتاب ومن تجربتي الخاصة في النضال من اجل حقوق الانسان ومن ضمنها حقوق المرأة:

أولا: يعلّمنا التاريخ أهمية العمل التراكمي والصبر والعناد على المدى الطويل في المواضيع النهضوية الإصلاحية كمثل مسألة المساواة بين المرأة والرجل، وذلك على قاعدة مقولة "زرعوا (زرعن) فأكلنا ... نزرع فيأكلوا".

وبالعودة الى قضايا المرأة التي ناضلت من أجلها الرائدات الأولات، يمكن أن نلاحظ بأن الكثير منها قد تحقق، وبقي أيضا الكثير لنستمر في النضال من اجل تحقيقه: فلقد نجحت هذه الرائدات الى حد كبير في اثارة ومواجهة آفات زمنهن، وكل زمان، 
• لكسر عزلة المرأة الاجتماعية، 
• وتأمين حقها بالتعليم
• ودخول معترك العمل في جميع المجالات
• مواجهة الموروثات والمعتقدات الذكورية الشعبية الراسخة.
• وإلغاء جريمة الشرف
• وحيازة الحق في الانتخاب والترشّح

ويبقى الكثير علينا الاستمرار لتحقيقه من إصلاحات ومن تغيير ضروري، لا سيما بالنسبة الى المسائل التالية:
• تفعيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
• الغاء جميع اشكال العنف ضد المرأة.
• المساواة في قوانين الأحوال الشخصية (بما فيه مسألة حماية القاصرات من الزواج المبكر).
• تطوير الفانون اللبناني لجهة منح المرأة الجنسية لأولادها
• الاستمرار في مواجهة الموروثات والمعتقدات الذكورية الشعبية الراسخة، والابعاد الدينية والمذهبية، او الثقافات التي تأخذ لبوس الدين وتتحجج به لإبقاء المرأة في حالة من اللامساواة. وقد لفتني مدى أهمية مسألة النقاب والحجاب في الزمن الذي تناوله الكتاب لا سيما في الأثر الكبير الذي ركته المناضلة النهضوية عنبرة سلام التي عبّرت رمزيا عن نضالها من خلال إزالة النقاب عن وجهها.

ثانياً:  يعلّمنا التاريخ أهمية الدور التي يلعبه الافراد في النضال من اجل تطور الثقافة المجتمعية، دون اهمال ضرورة العمل المشترك 
الذي كان بدأ في "مؤتمر بيروت النسائي في العام 1928" 
واستمر في مسار أدى الى مأسسة هذا النضال ضمن جمعيات ومؤسسات تزيد من زخمه، وقد تمثل في العدد الكبير للجمعيات التي نشأت بعد العام 1928. 
وقد تكللت هذه الجهود في مأسسة النضال النسوي باتفاقية الأمم المتحدة لإلغاء جميع اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي دخلت حيز التنفيذ في العام 1981 وآليات متابعتها وتنفيذها، وقد تفعلت في لبنان عبر تشكيل "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية" بقانون في العام 1998 وقد اعيد تعيين أعضائها الجدد في الاجتماع الأول للحكومة. 
وبالعودة الى أهمية الدور الذي يلعبه الافراد في عمل الجماعات، لا بد من التأكيد على ان هذه القوانين والمؤسسات، ليست فعاله الا بقدر فعالية ونشاط المناضلات والمناضلين العاملين في سبيل تطبيقها الدفاع عنها وتعزيزها.

ثالثاً: يعلّمنا التاريخ أهمية الدور الذي لعبتة وما زالت تلعبه المرأة في النضال من اجل تحقيق أهدافها، دون اهمال دور الرجل على أساس ان حقوق المرأة في المساواة وفي الغاء جميع اشكال التمييز ضدها هي مسألة تعني المجتمع برمته رجالا ونساءا.
وقد ورد في الكتاب ذكر عدد من الرجال ساهموا في مساعدة الرائدات النسويات وفي النضال في سبيل قضاياها مثل بطرس البستاني في كتابه "تعليم النساء" الصادر في العام 1849 وقاسم امين في مجلة "المرأة الجديدة" الصادرة في العام 1901، واول صحيفة نسوية لبنانية في بيروت عام 1909 بفضل جرجي نقولا باز، نصير المرأة. وقد اعجبت بشكل خاص بقصة مجلة "مرآة الحسناء" التي أسسها في القاهرة سليم سركيس في العام 1896 وكتب تحت اسم مستعار نسوي هو "مريم مزهر". لذلك ادعو الكاتبة والباحثة ليليان ان تعمل على كتاب جديد يكون عنوانه ومضمونه "الرجال الرائدون في قضايا المرأة"!!.

لا بد لقضايا المرأة من ان تصل الى خواتيمها المرجوة في استمرار عمل السيدات المناضلات، على ان ينضم إليهن عدد أكبر أيضا من الرجال المناضلين لان قضايا المرأة هي قضايا اجتماعية وقانونية محقة.

كما ادعو المرأة في هذا العصر ان تبتعد هي أيضا عن الصورة النمطية الجديدة التي تسعى لان تحصر المرأة في مواضيع حقوقها بالذات او المسائل ذات الطابع الاجتماعي والعائلي والثقافي (كما في زمن رائدات النهضة)، لتنافس الرجل في جميع المواضيع الاقتصادية والقانونية والمالية والأمنية والسياسية.

وفي الختام، ان هذا الكتاب قصة كيف ان الحقوق، لا سيما في المساواة بين المرأة والرجل، ليست رفاهية او هبة تمنح، بل حق ينتزع بالنضال والإرادة، وضرورة لمستقبل اكثر عدالة وانصافا للجميع.

*كلمة المحامي والنائب السابق غسان مخيبر في ندوة بمعرض الكتاب في أنطلياس

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق