نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من أين سنأتي برؤساء "مقطوعين من شجرة"؟ - شبكة أطلس سبورت, اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025 01:48 صباحاً
كتب كمال ميرزا -
هل هناك رئيس مقطوع من شجرة؟
هل هناك زعيم ليس له أسرة هو ابنها، وعائلة ينتمي لها، وعشيرة يتنسب إليها، وقبيلة ينضوي تحتها، وقوميّة يُحسب عليها، ودين يعتنقه، وطائفة أو مذهب يُصنّف ضمنه؟!
مثل هذا الرئيس إن وجد هو إمّا لقيط أو مُندَس!
حتى الجاسوس والعميل يجب أن تنسج له أصلاً وفصلاً ونسباً حتى يكون صالحاً للقيام بدوره، هل تذكرون مثلاً مسلسل "رأفت الهجان" والجهد الذي بذلته المخابرات المصريّة لتصنع للهجّان شجرة عائلة يهوديّة؟!
وأحياناً قد تستدعي عملية تكريس الأصل والفصل الجديدين العمل بشكل موازٍ على طمس ودفن أي أثر لأصل الشخص وفصله القديمين!
الكلام أعلاه يقودنا إلى سؤال مصيري في غمرة الأحداث الحالية، والرهان القذر الذي تراهنه أمريكا والكيان الصهيونيّ على "الطائفيّة" وكلّ ما هو في حكمها لتكون الورقة الرابحة في أيديهم لحسم هذه الجولة من الصراع، وإعادة إنتاج حالة الاستلاب والهيمنة والتبعيّة في المنطقة لعقود قادمة: من أين سنأتي برؤساء غير طائفيّين؟ بمعنى من أين سنأتي برؤساء ليس لهم انتماء دينيّ أو طائفيّ أو قوميّ أو عرقيّ أو إثنيّ من أي نوع كي يرضى عنهم الكلّ؟ وكي نضمن أن انتماءاتهم هذه لن تكون سيفاً مسلطاً على رقاب الكلّ؟
الجواب السريع الذي يمكن أن يتفتق عنه ذهن أولئك الجهابذة الذين يعتبرون أنفسهم مثقفين ومتنوّرين و"انتلجنسيا" هو "العلمانيّة"!
الشيء الذي لا يدركه هؤلاء الأغبياء المنتشين بغبائهم على طريقة "حافظ مش فاهم" أنّ الرؤساء العلمانيين هم أسوأ أنواع الرؤساء وأقذرهم!
أولاً: الرئيس العلمانيّ هو شخص تنكّر لأصله وفصله؛ والذي ليس فيه خير لأصله كيف سيكون فيه خير للآخرين؟!
ثانياً: الرئيس العلمانيّ الذي ليس له أصل يردّه وانتماء يضبطه وعقيدة تردعه هو "برجماتيّ" و"نفعيّ" و"ذرائعيّ" من طراز أول، كلّ شيء عنده قابل للبيع والشراء والتفاوض وإعادة التفاوض (حتى الدين نفسه والوطن نفسه)، ولا سقوف لما يمكن أن يعهّر به، ولا حدود دنيا لما يمكن أن ينحط إليه، وهمّه الوحيد هو مصلحته الذاتيّة ومنفعته ولذّته وصولجانه وهيلمانه هو والطغمة الفاسدة التي تشغّله أو تحيط به ويمكّنها وتشدّ من أزره.
ما هو الحلّ إذن ونحن نجد أنفسنا هنا إزاء موقف يحاكي التعبير الشعبيّ الدارج: "صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل وكول لحتى تشبع"؟!
الحلّ كما قال "ابن خلدون" منذ مئات السنين، وهو "أنّ العرب لا يحصل لهم المُلك إلّا بصبغة دينيّة من نبوّة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة".. باعتبار أن طباع التوحّش والغِلظة والأنفة وبُعد الهمّة والكِبر والمنافسة في الرئاسة التي فيهم لا يمكن أن يهذّبها إلّا الدين!
ولكن مهلاً، أليست كلّ الانقسامات والفتن الطائفيّة الحاليّة عنوانها الدين وتُمارس باسم الدين؟
وهنا مربط الفرس، من علامات التديّن الصحيح والصبغة الدينيّة الصحيحة نبذ الانقسام وتفريق أبناء الدين الواحد شيعاً حتى وإن قام الآخرون بذلك.
((إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لستَ منهم في شيء إنّما أمرهم إلى الله ثمّ ينبئهم بما كانوا يفعلون)) - الأنعام.
ونبذ الانقسام لا يكون بأن اتخذ لنفسي شيعة جديدة أو فرقة جديدة أو جماعة جديدة تحتكر لنفسها الحقيقة والتقوى والنجاة، وتضاف إلى قائمة الانقسامات والتشرذمات القائمة.. بل نبذ الانقسام يكون بأنّ اتنزّه عن مبدأ الانقسام نفسه وأترفّع عنه، وأن لا أحاكم الأمور ولا أنظر للمواقف والآخرين عبر نظارة الانقسام والطائفيّة والعنصريّة البغيضة!
بكلمات أخرى، كلّ مَن اتخذ لتديّنه عنواناً طائفيّاً عنصريّاً، ومارس تديّنه عبر سلوك طائفيّ وعنصريّ، هو ليس من الله في شيء، وليس من الدين في شيء، بغض النظر عن طول لحيته، وحجم زبيبة جبينه، وصفة "المجاهد" التي ينتحلها أو يحتكرها لنفسه هو وصحبه وأعوانه.
ما يحزّ في النفس أنّ العدو هو أكبر مَن يدرك بأنّ "الدين" هو كلمة السرّ التي يمكن أن تعيد للعرب وحدتهم ولُحمتهم وملكهم، لذا نجده يحرص كلّ هذا الحرص ويبذل كلّ هذا الجهد ليكون الدين نفسه هو عنوان فُرقتهم وتشرذمهم وتناحرهم.
والذي يحزّ في النفس أكثر أنّنا نسهل للعدو مهمّته، ونسهل للوحدة (8200) مهمّتها، ونسهّل لعملائه وجواسيسه وأعوانه وأذنابه مهمّتهم، بسب تمسّكنا الأعمى بـ "حميّة الجاهليّة" حتى وإن حاولنا أن نُلبس عليها من حين لآخر لبوس التديّن، وبسبب حقد الأعراب الأعمى على العرب، والذي يجعلهم مستعدين لأن يضعوا أيديهم في يد الشيطان نفسه ليشفوا غليل أحقاد تاريخيّة.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار الرياضية فى هذا المقال : من أين سنأتي برؤساء "مقطوعين من شجرة"؟ - شبكة أطلس سبورت, اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025 01:48 صباحاً
0 تعليق