الشهادة التي لا تسقط بالرحيل - أطلس سبورت

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الشهادة التي لا تسقط بالرحيل - أطلس سبورت, اليوم الاثنين 3 مارس 2025 11:16 مساءً

دعوة لتكريم الطلاب الراحلين وإقرارٌ بجهودهم العلمية، وذلك حين يتوقف الزمن قبل تحقيق الحلم. كلنا نعلم أن الجامعات ليست مجرد مؤسسات تمنح العلم والمعرفة، بل هي فضاءات تُصقل فيها العقول، وتُبنى فيها الطموحات، ويتشكّل من خلالها مستقبل الأفراد والمجتمعات. في كل قاعة دراسية، هناك طلابٌ يسعون، يحلمون، ويعملون جاهدين للوصول إلى لحظة التخرج، حيث تُختتم رحلتهم العلمية بتتويج مستحق. لكن ماذا لو توقفت هذه الرحلة قسراً؟ ماذا لو غاب أحدهم قبل أن يرى ثمرة جهوده؟

هذا السؤال لم يعد افتراضياً، فقد تجسّد في فقدان الطالب محمد بن خالد السور، رحمه الله، قبل أسبوع، وهو على مشارف التخرج في كلية القانون. بعد سنوات من الاجتهاد والمثابرة، كان على بعد خطوات من تحقيق حلمه، ولكن القدر شاء أن يغادر قبل أن يحمل شهادته بين يديه. في مثل هذه الحالات، هل تنتهي القصة عند هذا الحد؟ أم أن للجامعات مسؤولية أخلاقية في تخليد ذكرى طلابها الذين رحلوا قبل تحقيق أحلامهم؟

التعليم أسمى من أن يكون مرتبطاً بالحضور الجسدي، الجامعات في جوهرها ليست مجرد جهات مانحة للشهادات، بل هي مؤسسات تحمل رسالة أعمق، تقوم على قيم العدل، والتقدير، والإنصاف. ومن هذا المنطلق، فإن تكريم الطلاب الذين رحلوا قبل تخرجهم لا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه مجرد مبادرة عاطفية، بل هو مسؤولية أكاديمية وإنسانية تعكس وفاء الجامعة لطلابها ونحن في مملكة الإنسانية وحري بنا أن نكون السبّاقين في كل ميدان إنساني، وهذه المبادرة تؤكد أن الجهد العلمي لا يُمحى، حتى وإن انقطعت رحلة صاحبه.

يعلم الجميع أنه في العديد من الجامعات العالمية هناك تقاليد راسخة تقضي بمنح شهادات فخرية أو شرفية للطلاب المتوفين الذين كانوا على وشك التخرج، إيماناً بأن الموت لا يجب أن يكون حاجزاً أمام الاعتراف بالجهد والعطاء. إن تبني هذا النهج في جامعاتنا السعودية سيكون خطوة رائدة نحو تعزيز ثقافة الوفاء والتقدير، ويبعث برسالة واضحة مفادها أن التحصيل العلمي لا يضيع، وأن اسم الطالب يظل جزءاً من نسيج الجامعة حتى وإن غادر الحياة.

كيف يمكن تحويل المبادرة إلى واقع؟ ولضمان أن يصبح هذا التكريم جزءاً من السياسات الجامعية، يمكن العمل على وضع إطار تنظيمي واضح يشمل منح الشهادة الفخرية للطلاب الذين أكملوا نسبة كبيرة من متطلبات تخرجهم قبل وفاتهم، وتشكيل لجنة أكاديمية متخصصة لوضع معايير عادلة لهذا التكريم. كما يمكن تنظيم حفل سنوي تحتفي فيه الجامعات بطلابها الراحلين بحضور أسرهم، لتأكيد أن جهودهم لم تذهب سدى، وإدراج هذه الشهادات في السجلات الأكاديمية، بحيث تظل جزءاً من الإرث العلمي والإنساني للجامعة.

الوفاء العلمي لا يسقط بالتقادم، إن فقدان طالب قبل تخرجه ليس مجرد حادثة عابرة، بل لحظة تستدعي التأمل في قيم الوفاء والتقدير داخل المنظومة العلمية والدراسية. ومنح شهادة فخرية للطالب الراحل محمد بن خالد السور، وكل طالب فقدته الجامعة وهو في مشارف التخرج، هو أكثر من مجرد لفتة رمزية، بل هو إقرارٌ بأن التحصيل العلمي لا يرتبط فقط بالحياة، بل هو قيمة مستمرة تستحق التقدير حتى بعد الرحيل.

إن الجامعات تُبنى بالعلم، لكنها تبقى وتستمر بالقيم. وإن تبني مبدأ «الشهادة الفخرية للطلاب الراحلين» ليس مجرد تكريم فردي، بل هو تأسيس لنهج أكاديمي وإنساني يعزز ثقافة الوفاء، ويؤكد أن الرحلة العلمية لا تتوقف بالموت، بل تبقى كإرثٍ خالد يحمل أسماء من رحلوا، ويدل على أن الجهود المبذولة في طلب العلم تستحق أن تُكرّم، مهما كانت الظروف.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق