يشتعل الجدل بين حين وآخر حول تجسيد الصحابة فى الأعمال الفنية ما بين مؤيد ومعارض، ففى حين يتمسك الأزهر بفتواه الثابتة منذ سنوات طويلة بعدم جواز تجسيد الصحابة والعشرة المبشرين بالجنة وأمهات المؤمنين، نجد فريقاً من الآراء الفقهية يبيح تجسيد الصحابة بشروط، بينما يطالب فريق أخر من المثقفين والكتاب والمفكرين بإطلاق العنان لتجسيد الصحابة و حتى تجسيد الرسل.
وقد لا يعرف الكثيرون أن فتوى تحريم تجسيد الأنبياء والصحابة وآل البيت صدرت عام 1926 عندما حاول الفنان يوسف وهبى تجسيد شخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى فيلم سينمائى بتمويل تركى ألمانى مشترك، فأوقفه الأزهر بإصدار هذه الفتوى واعتذر وهبى وتراجع عن العمل بالفيلم.
ولكن هل تعلم عزيزى القارئ أن محاولة يوسف وهبى لم تكن الوحيدة وأن الفنان يحيى شاهين قام بالفعل بتجسيد شخصية سيدنا يوسف فى إحدى المسرحيات عندما كان عضواً بفرقة فاطمة رشدى، وهو ما كتبه فى مقال تحت عنوان :"وقعت فى بير" نشر بالعدد 83 من مجلة الكواكب الصادر فى 3 مارس عام 1953.
وقال يحيى شاهين فى مقاله أنه انضم فى بداية حياته الفنية إلى فرقة فاطمة رشدى وسافر معها فى العديد من الرحلات الفنية إلى الأقطار الشقيقة، فكانت الفرقة تصادف الكثير من الصعوبات نظراً لعدم تهيئة المسارح وجاهزيتها فى بعض البلدان.
وأشار شاهين إلى أنه فى إحدى الرحلات إلى بغداد قدمت الفرقة رواية عن حياة سيدنا يوسف، وكان هو من يجسد شخصية سيدنا يوسف، وكان أحد المشاهد يستلزم أن يرميه إخوته فى بئر، كما حدث فى قصة النبى الحقيقية، فكان المخرج يفتح فجوة فى وسط المسرح ويحيطها بسور خشبى دائرى، بحيث يكون عمق البئر المصنوعة قرابة مترين ونصف.
وأوضح الفنان الكبير أنه كان حين يليقيه أشقاؤه فى البئر يجد سلماً، فيتظاهر بالسقوط أمام الجمهور ، بينما ينزل على السلم بهدوء بعيداً عن أعين المتفرجين، وكان أحد العمال يضع السلم فى البئر قبل رفع الستارة، ولكن ذات ليلة وقف أعضاء الفرقة يؤدون أدوارهم، وحين جاءت اللحظة التى ألقى فيها يحيى شاهين فى البئر مجسداً لحظة إلقاء سيدنا يوسف فيه، وجد شاهين نفسه يهوى إلى قاع البئر المصنوعة لأنه لم يجد السلم، فاصطدم رأسه بالأرض ونزف دماً كثيراً، والتوى ذراعه تحت جسمه وصرخ من شدة الألم ، فأعجب الجمهور بالصرخات الطبيعية دون أن يدرك ما حدث.
وأضاف شاهين أن سياق المسرحية طبقاً لأحداث القصة يقتضى بعد ذلك أن يمر بعض التجار بالبئر فيلقوا فيه بدلوهم، وأن يتظاهر هو بأنه يتعلق بالحبال ويصعد السلم حتى يصل إلى المسرح، ولكن اختفاء السلم أوقعه فى حيرة ، وكان الذين يجذبون الحبال لا يبذلون جهداً كبيرا لأنهم يعلمون أن حركة الصعود بالحبال حيلة مسرحية وأن شاهين يصعد على السلم ، ففكر فى وسيلة ليلفت أنظارهم ولكنه لم يجد، وحين امتد الحبل إلى أسفل تشبث به، فوجد زملاؤه صعوبة فى جذب الحبال، فبذلوا جهداً أكبر، وأدركوا الأمر فساعدوه على الصعود، ووصل يحيى شاهين إلى خشبة المسرح والدماء تنزف من وجهه ورأسه.
وأكد الفنان الكبير فى مقاله أن الجمهور صفق إعجاباً لهذا الأداء الطبيعى، وأنه كان يشعر بإعياء وألم شديد ولكنه أكمل دوره حتى أسدلت الستار .
وأخيراً فإن ما حكاه يحيى شاهين فى مقاله يؤكد أنه كان هناك محاولات قديمة لتجسيد الرسل بعضها اكتمل وبعضها لم ي زمكتمل، وما يلفت الانتباه أنه طبقا للتفاصيل التى ساقها الفنان الكبير فإن الجمهور لم يستهجن وقتها وفى هذا الوقت المبكر تجسيد شخصية نبى من أنبياء الله، بل صفق لإتقان الفنانين أدوارهم.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق